بالإمكان أن تهدأ – كل ما تخاف منه سيحدث
بالإمكان أن تهدأ – كل ما تخاف منه سيحدث
إلي كرسنيتس
قد يبدو لنا غريبا بعض الشيء, لاولكن اذا نظرنا بعمق إلى مخاوفنا, لن نجد مفر من الإعتراف بأن كل من نخاف منه يتحقق.
من المؤكد أنكم تتساؤلون وبصدق “ولكن كيف يحدث ذلك؟”
أنا أيضا كان يجب عليي أن أفهم للعمق حتى أقتنع بمنطق الأمور.
سأشرح.
ما هو الخوف ؟
الخوف هو شعور طبيعي, شعور قوي, احساس متجذر فينا وكلنا نعرفه, إحساس يرافقنا مدى الحياة.
حتى الآن ربما لم أجدد لكم شيئا.
ولكن دعونا نرى مما نحن نخاف حقا.
اذا تنبهنا, سنجد أن كل مخاوفنا تتعلق بالمستقبل القريب أو البعيد, مثلا – المال, الحب, الحرب او مصيبة, أن نبقى لوحدنا, أن نتألم وأن نفقد إنسان عزيزا, وما إلى ذلك.
ما المشترك بين كل خذخ الإفكار ؟
ببساطة – شعور غير مريح.
في أعماقنا, كل فكرة كهذه تترجم إلى تجربة حسية شعورية. مثلا :
ماذا سنشعر عندما ينتهي المال؟
قلق, فشل, خيبة أمل.
اذا لم نجد الحب, ماذا سنشعر ؟
وحدة, يأس, العجز
اذا إندلعت الحب, ماذا سنشعر ؟
قلق, رعب, ضغط, أسى وحزن.
اذا بقينا لوحدنا, بماذا سنشعر ؟
وحدة, حزن, إلخ..
والآن دعونا نسأل – كيف نخاف بالذات من هذه التجارب الشعوورية ؟
لا نستطيع أن نخاف من شيء لم نجربه لأننا ببساطة لا زلنا نجهله.
مثلا, لا يمكننا أن نخاف من النار اذا لم نقترب منها يوما وتحرقنا.
بكلمات أخرى – ليس المهم هو الشيء الذي نخاف منه, نحن نخاف من الإحاسيس التي شعرنا بها سابقا.
كأن المستقبل هو شاشة كبيرة بيضاء, وعليها نعرض كل مخاوفنا وهواجسنا من تجارب قد سبق وعشناها.
حتى الخوف من الموت هو كذلك. عندما نخاف من الموت فإننا نتخيل أمور حزينة, وحدة سرمدية, فراغ, سوء. ولكننا لم نجرب الموت مسبقا, ولكن ما نعرضه على الشاشة هو استرجاع لمشاعر عشاناها كالوحدة, الألم والعجز.
وللسؤال الأخير – اين نتواجد الآن ؟
نتواجد دائما في الحاضر. ليس بمهم ماذا نفعل, نفكر أو نتخيل, نحن موجودين دائما في الحاضر, دئما الآن.
أيضا عندما نخاف من المستقبل ونربطه بمشاعر من تجاربنا السيئة والتعيسة. فإننا سنعيش ذلك الآن.. في الحاضر.
إذا أردتم, بإمكانكم النظر والتدقيق في كل واحد من مخاوفكم وأن تكتشفوا عندها الحقيقة الغريبة بأن كل ما نخاف منه, قد سبق وعشناه كشعور وإحساس وأننا في الحاضر نقوم بإلقاء هذه المشاعر للمستقبل.
أعود وأشدد بأن الحديث يدور حول التجربة الشعورية. مثلا رغم أننا لم نمت بعد, ولكننا جربنا شعور الوحدة, العجز والألم فنحن ننقل هذه الأحساس للمستقبل وكأنه فعلا حصل بالماضي.
ولماذا نفعل ذلك ؟
إحدى الطرق لتفسير الخوف هي بأنه يذكرنا بما لا نريد أن نشعر مجددا حتى نتفاداه. ولكني أعتقد أن للخوف وظيفة إيجابية – يذكرنا بما نشعر الآن وأن ننظر ونتعامل مع ذلك بمحبة.
كمثل طفل ترك وحيدا في مكان مظلم ويحتاج للكثير من لفت الإنتباه والحب, كذلك مخاوفنا تأتي لتذكرنا بأن هناك ألم, قلق أو حزن في داخلنا بحاجة للحب والحنان.
الخوف يذكرنا بكل ذلك حتى نمنح أنفسنا الحب الذي نحن بحاجته.
وأن نعطي أنفسنا هذا الحب هو ببساطة كأن نرى بأن كل ما نخاف منه قد حصل, أو أكثر دقة, يحصل الآن داخلنا ويطلب منا فقط أن ننتبه, أن نصغي, أن نشعر وأن نكون مع أنفسنا أصدقاء جيدون.. والآن الآن.